للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت له: أرأيت عليه القتل؟ قال: نعم، رأيت عليه القتل، فقلت له: أرأيت ذلك عليه للحرابة؟ فقال لي: نعم للحرابة، ولما أراد من قتلهم، أرأيت الذي سمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه في الشاة فمات بعضهم، ألم يكن ذلك على هذه القتل؟ فقلت له: إن تلك اليهودية التي سمت لرسول الله أرادت القتل، وهذا لم يرد القتل، فقال لي: ومن يقبل ذلك منه أنه لم يرد القتل؟ فلا يقبل منه ولا يغني ذلك عنه، قد سحرت تلك الجارية سيدتها فأمرت بها فقتلت، وهذا لم يعتذر بعذر فيقول أخطأت وإنه لعظيم أن يفعل هذا بابن السبيل ثم يسلم فاعله هذا مع أخذه أموالهم وأنهما ماتا مكانهما، إني قد كنت قلت للرسول: قل للأمير لا يعجل به، ثم نظرت في ذلك بعد ذهابه فأرسلت إليه فجاءني فقلت له قل للأمير يقتله.

قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة، وقد استدل مالك لما ذهب إليه من إيجاب القتل عليه بما ذكر مما لا مزيد عليه، وأما قوله: قد سحرت تلك الجارية سيدتها فأمرت بها فقتلت بها، فلم يقله على سبيل الحجة لإيجابه القتل على الذي أطعم لأصحابه السويق المسموم فمات بعضهم وأخذ منهم الدنانير واعترف بذلك على نفسه، إذ ليس منه بسبيل، وإنما ذكره على سبيل الاغتباط بالفتوى بقتل من وجب عليه القتل؛ لأن حدود الله يجب البدار إلى إقامتها وترك التأني في ذلك، فقال: أمرت بقتل هذا بما وجب عليه من القتل بالحرابة، كما أمرت بقتل تلك بما وجب عليها من القتل بالسحر، فقد كان إذا سئل في شيء من الحدود أسرع الجواب وأظهر السرور بإقامة الحدود، وقد بلغني أنه يقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>