أخذها منه صاغرا، وإن دفع من يريد أخذها منه، فإن كان ليس به قوة يدفع بها مثل أن يدفع هو بنفسه ضرب، وأخذت منه كارها، إلا أن يدفع في جماعة، ويمنع بقوة، فإنه يجاهد ويقتل، ومن دفع معه كما فعل أبو بكر - رَحِمَهُ اللَّهُ - حين منع الزكاة، فقال: والله، لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه، قال: ولو جحد الوضوء والغسل من الجنابة قتل، وإن لم يجحد الوضوء والغسل من الجنابة إلا أنه قال: أنا أؤمن بالوضوء والغسل، ولا أتوضأ ولا أغتسل قتل أيضا؛ لأن تركه ذلك جحد له، وكذلك لو قال: لا أصوم رمضان، وأصر على ذلك قتل، وإن لم يجحد؛ لأن تركه الصوم الذي فرضه الله عليه جحد له.
قيل: فإن قال: لا أوتر قال: أؤدبه على صلاة الوتر أدبا موجعا، وأضربه حتى يصلي الوتر، قيل: فركعتا الفجر؟ قال: لا، ركعتا الفجر هما أخف شأنا من الوتر، الوتر سنة.
قال محمد بن رشد: أما من جحد فرض الوضوء والصلاة والزكاة أو الصيام أو الحج، أو استحل شرب الخمر، أو الزنا، أو غصب الأموال، أو جحد سورة، أو آية من القرآن، أو ما أشبه ذلك، فلا اختلاف في أنه كافر، وإن قال: إنه مؤمن فيعلم أنه في ذلك كاذب للإجماع المنعقد على أن ذلك لا يكون إلا من كافر، وإن لم يكن شيء من ذلك في نفسه كفرا على الحقيقة، وأما من أقر بفرض الصلاة والصيام والوضوء، وأبى من فعل ذلك، وهو قادر عليه، فقول مالك في هذه الرواية: إنه يستتاب في ذلك كله، فإن أبى في شيء منه أن يفعله قتل، يدل على أنه يقتل على الكفر، فيكون ماله لجماعة المسلمين كالمرتد إذا فتل على ردته؛ لأنه وإن لم يكن نفس الترك لشيء من ذلك كله كفرا على الحقيقة، فإنه يدل على الكفر، ولا يصدق من قال في شيء من ذلك كله: إنه مؤمن بوجوبه عليه إذا أبى أن يفعله، فحكمه حكم الزنديق الذي يقتل على الكفر،