وهب فيه: إنه لا قتل عليه ولا عقوبة، بين صحيح؛ لأنه شاهد على نفسه بالإسلام، فلا يصح أن يقتل بشهادته على نفسه؛ إذ قد رجع عنها، وقال: إنه كذب على نفسه فيها كما لو شهد عليه شاهدان بالإسلام، ثم رجعا عن شهادتهما، وقالا: كذبنا فيما شهدنا به عليه من ذلك، ولما سأله عمن رضي بالإسلام بعد وقوفه على فرائضه، وأقر بالنبي، وتشهد، ثم رجع عن الإسلام لم يجبه بشيء، ومن مذهبه أنه لا يقتل على الكفر من أنكر الإسلام من أهل الذمة، إذا لم يشهد عليه إلا بالتشهد بالإسلام، وذلك بين من قوله، ولا يستتاب كمن يعد مرتدا إلا من شهد عليه، أنه رئي يصلي ولو ركعة واحدة من الصلاة، مثل ما حكى ابن القاسم أنه سمع مالكا يقول: لا يقتل على الارتداد إلا من ثبت عليه أنه كان على الإسلام يعرف ذلك منه طائعا يصلي؟ وأصبغ يقول: إنه من أسلم طائعا ثم ارتد بعد طول مكث أو بقرب، صلى وصام ولم يفعل، ثم رجع في موقفه، فيسلك به مسلك من ولد على الفطرة.
والاستتابة ثلاثة أيام يخوف فيها القتل، ويذكر الإسلام ويعرض عليه، ولا اختلاف فيمن اعتقد الإسلام بقلبه أنه مسلم مؤمن؛ لأن الإيمان من أفعال القلوب، ولا في أنه يحكم له بحكم الإسلام بإظهار الشهادة، فيورث به ويصلي عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، وإن مات من ساعته قبل أن يصلي أو يصوم؛ نعم وإن مرت به أوقات صلوات قبل أن يموت، فلم يصل لأن ذلك يحمل منه على التضييع والتفريط الذي لا يخرج من الإسلام والإيمان في قول كافة العلماء، فقول أصبغ: إنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهو القياس.
ووجه ما ذهب إليه ابن وهب ومالك فيما حكى ابن القاسم من أنه لا يستتاب ولا يقتل حتى يصلي؛ اتباع ظاهر قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من غير دينه فاضربوا عنقه» لأنه لا يستحق أحد التسمية بأنه على دين الإسلام