قال الإمام القاضي: يشهد بصحة هذه الحكاية قول الله عز وجل: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}[الذاريات: ٤١]{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ}[الذاريات: ٤٢]-يريد: ما مرت به- {إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}[الذاريات: ٤٢] أي: كالشجر اليابس الهشيم، ومنه قَوْله تَعَالَى:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}[الأحقاف: ٢٥] يريد: مما مرت به، إذ لم تدمر هودا، ولا من كان آمن به، وذلك أن هودا لما خوف قومه بعذاب الله إن لم يؤمنوا به، سخروا به، {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[الأحقاف: ٢٢]{قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ}[الأحقاف: ٢٣] ، أي: لا يعلم متى يأتي العذاب إلا الله {وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}[الأحقاف: ٢٣]{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}[الأحقاف: ٢٤] فرحوا به لأنهم كانوا في محل وظنوا أنهم يمطرون به، وقالوا: كذب هود كذب هود، فلما خرج نبي الله هود، فشامه، قال لهم:{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الأحقاف: ٢٤] فجاءتهم ريح جعلت تلقي الفسطاط، وتجيء بالرجل الغائب، وتذهب بالظعينة حتى ترى كأنها جرادة، تدمر كل شيء مما مرت به، ترمي بعضه على بعض وتهلك. ومما قاله في الحكاية من قوله: ويقال ما فتح عليهم إلا مثل الخاتم، ولو فتح عليهم مثل منخر الثور لأكفت الأرض، هو مروي عن ابن عباس. ومثله لا يكون رأيا. قال: ما أرسل الله على عاد من الريح إلا قدر خاتمي هذا. ونزع خاتمه، يريد والله أعلم: فتح الله عليهم من خزائن ريح