النعمة عنه فليس ذلك بمحظور ولا حسد، وإنما هو الغبطة، تقول غبطت الرجل في كذا، وحسدته عليه، فالغبطة مباحة، والحسد محْظور. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا حَسَدَ إِلّاَ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُل آتَاهُ اللًهُ الْقُرْآنِ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْل وآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُنْفِقهُ آنَاءَ اللَّيْل وَالنَّهَارِ» معناه لا حسد أصلاً، لكن في هذين الاثنتين تغابطوا فيهما فالاستثناء في الحديث استثناء منقطع، ومن الناس من ذهب إلى أن قول النبيّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ليس على عمومه؛ لأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قد أَباحه في الخير، وقال:«لا حسد إلّاَ في اثنتين» ، والذي ذهب إلى هذا قال: إن الحسد على وجهين: حسد معه بغيٌ، وحسدٌ لا بغي معه. وروي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إِذَا حَسَدْتُم فَلَا تَبْغُوا» .
والبغي والله أعلم هو أَن يريد الإِضرار بالمحسود بزوال النعمة عنه، فالحسد الذي لا بغي معه جائز، والحسد الذي معه البغي محظور. فالحسد على هذا ينقسم على قسمين: حسد في الخير، وحسد في المال، فالحسد في الخير مرغب فيه، إذ لا بغي فيه، والحسد في المال جائز إذا لم يكن معه بغي، ومحظور إن كان معه بغي، وكذلك الكبر محظور مذموم؛ لأن الكبرياء إِنَّما هي لله تعالى، فمن تكبَّر قصمه الله ومن تواضع رفعه الله.
والشحّ على وجهين: شحّ بالواجبات، وشحّ بالمندوبات، فأما الشحّ بالواجبات فحرام، وأما الشح بالمندوبات فمكَروه. فمن وُقي الشح في الوجهين فقد أفلح، قال عزَّ وجلّ:{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[التغابن: ١٦] .
وقوله في آدم: فشحَّ فأكل منها. معناه: فشحَّ أَن يأكل من ثمر الجنَّة التي أباح الله له الأكل منها إِبقاءً عليها وشحًّا بها، وأكل من التي نهاه الله عنها. والله الموفق.