نحو من هذا، إِلاَ أنه قال: لما قتل يحيى أقبل رأسه ينحدر ويقول بين يدي ظهراني الناس: لا يحل لك ما تريد من نكاح أختك، قال كعب: كانت أخته. وقال غير كعب: كانت بنت أخيه.
وقد جاء: أنها كانت زوجة أخيه؛ لأن ذلك في زمن لم يكن للرجل منهم أن يتزوج امرأة أخيه بعده. وإذا كذب متعمِّداً لم يول الملك فمات الملك. وأراد الملك أن يتزوج امرأة الملك الذي مات، وكان أخاه، فسألهم فرخصوا له، فسأل يحيى بن زكريا، فأبى أن يرخص له، فحقدت عليه امرأة أخيه، وجاءت بنت أخي الملك الأول إليه، فقال: سليني اليوم حكمك، فقالت: حتَى أنطلق إلى أمي، فأتت أمها فقالت: قولي له: إن أردت أن تفي لنا بشيء، فأعطني رأس يحيى بن زكرياء، قال: قولي غير هذا خير لك، قال: فلبث وكره أن يخالفها فلا يولى الملك. فدفع لها يحيى بن زكريا فذبحته فناداها مناد من فوقها: يا ربة البيت الخاطئة العادية، أبشري فإنك أول من يدخل النار، وخسف بابنتها وجاءوا بالمعاول، فجعلوا يِحفرون عليها، وتدخل في الأرض حتى ذهبت.
ولما كثر الفساد في بني إسرائيل، وجاهرَوا بالمناكر، وعلوا في الأرض واستكبروا فيها كما أخبر اللَّه عز وجل بقوله:{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ}[الإسراء: ٤] ... الآية - انتقم منهم بما سلط عليهم. ويقال: إنه كان من فسادهم الثاني قتل يحيى بن زكرياء، فبعث الله عليهم بخت المجوسي، فسبى وقتل منهم سبعين ألفاً وخرَّب بيت المقدس، وحرق التوراة. وكان من شأنه في دم يحيى الذي وجده نصر البابلي يفور ما ذكر في الحكاية.
وجاء في بعض الأخبار: أن الذنوب والمعاصي لما كثرت في بني إسرائيل، بعث الله لهم نبيّاً يقال له أرمياء، فلما أنذرهم بعذاب اللَّه لهم على طغيانهم وعصيانهم، وأنه مُهلكهم ومُخلي الأرض منهم، وقعوا به فضربوه وحبسوه، فَأنجز اللَّه وعده، وسلط عليهم بخت نصر، ولم يزل أرمياء محبوساً حتى جاء بخت نصر فيما لا يحصى من العدد، فحاصرهم