للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعدت لها كَفَناً، فإن بعث إلي بشيء فتصدقوا به. قال: وكان عمر أول من جعل عليها هذا النعش الذي جعل على النساء سترها به.

قال الِإمام القاضي: ويروى أنه قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أطْوَلُكُن يَداً أسْرَعُكنً لَحَاقاً بِي» والمعنى في ذلك سواء؛ لأنه أراد طول اليد والباع بالصدقة، وذلك من الاستعارات البليغة الحسنة، وفيه فضل الصدقة وعلَم من أعلام النبوءة؛ لأنه أخبر بمن يموت بعده أولاً من نسائه، فكان كما قال، ولم يصرح باسمها لما كان عليه من الخلق الكريمة، مخافة أن يعلمها بما تشفق منه وتكرهه؛ لأن المؤمن يكره الموت لشدته، ويخاف تعجيله، ويود تأخيره رجاءَ الازدياد من الأعمال الصالحات.

وقد «قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأخوين اللذين تأخرت حياة أحدهما، فذكرت فضيلة الأول عند رسول اللَّه، فقال: "أَلَمْ يَكُنِ الآخَرُ مُسْلِمَاً؟ فَقَالوا: بَلَى كَان لَا بَأسَ بِهِ. قَالَ: فَمَا يُدْرِيكم مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلاَته؟ إِنَّمَا مَثَلُ الصّلاَةِ كَمثَل نَهْرٍ عَذْبٍ غَمْرٍ يَقْتَحِمُ فِيه أحَدُكُمْ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مًرّاتٍ، فَمَا تَرَوْنَ ذَلِكَ يُبْقِي مِن دَرَنِهِ، فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلاَتُه» .

وقد روي عن شريح بن هانئ عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أحب لقاء اللَه أحب اللَه لقاءه، ومن كره لقاء اللَّه كره اللَّه لقاءه ". قال شريح: فأتيت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثاً إن كان ذلك فقد هلكنا، قالت: وما ذلك؟ قلت: " من أحب لقاء اللَّه أحب اللَّه لقاءه، ومن كره لقاء اللَّه كره اللَه لقاءه» ، فبينتَ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أن ذلك إنما هو عند المعاينة وحضور الموت، وحين لا تقبل توبة التائب، إن لم يتب قبل ذلك. وزينب هذه بنت جحش تزوجها رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سنة خمس من الهجرة، وقيل: في سنة ثلاث،

<<  <  ج: ص:  >  >>