العالم إليك كتاباً قد عرفه، فيقول: اروه عني. والذي عليه الجمهور أن قراءة الطالب على العالم مقدمة على قراءة العالم على الطالب، وروى علي وابن عباس أنهما قالا: قراءتك على العالم، كقراءة العالم عليك، وهو مذهب أهل المدينة قديماً وحديثاً، فهي ثلاثة أقوال. وأهل العراق لا يجيزون الرواية عن العالم حتى يكون هو القارئ وقد قال بعض الحفاظ: لا يختلف أهل الحديث في أن أصح مراتب السماع، قول العالم: سمعت فلاناً قال: سمعت فلانا، ولا فرق في حكم اللسان بين أن يقول سمعت فلاناً أو حدثني أو أخبرني، أو أنبأني أو خَبَّرني أو قال لي، أو ذكر لي، وإنما تفترق هذه الألفاظ عند المحدثين في استعمالها من جِهة العرف والعادة، لا من جِهة موضع اللسان. وروي عن ابن وهب أنه قال: يقال فيما هو قراءة عن العالم: أخبرنا وفيما هو سماع من لفظ العالم: حدثنا فكأنه أراد أن يعرف بهذا من حديثه، ما هو سماع عن الراوي مما هو قراءة عليه واختار ابن إسحاق بن رَاهويه وجماعة من أصحاب الحديث، أخبرنا في الوجهين جميعاً. وقالوا: أخبرنا أعم في التحديث من حدَّثنا. وهذه الألفاظ كلها في السماع من العالم حقيقة، وفي القراءة عليه مجازاً.
والحقيقة فيه أن يقول: قرأت على فلان، لأن العدول من الحقيقة إلى المجاز فيما لا يلتبس فيه المعنى جائز سائغ موجود في القرآن وفي السنن وفي الآثار. وساغ المجاز في هذا لما كان الحكم فيما هو سماع وفيما هو قراءة سواء من جهة أنه إذا قرأ على العالم فقد أقر به وأمره بنقله عنه، إذا