قال: قتل من الأنصار في ثلاث معارك، سبعون يوم أحد، ويوم جسر أبي عبيد ويوم اليمامة.
قال محمد بن رشد: كانت الوقْعة بأحد يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاثٍ من الهجرة. وذلك أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج عشية يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة خَلَتْ من شوال، وكانت الوقْعة يوم السبت بعده، وكانت اليمامة في سنة إحدى عشرة من الهجرة في خلافة أبي بكر الصديق. روي أن أبا بكر الصديق وجه خالد بن الوليد إلى اليمامة، وأمره أن يصمد لمسيلمة الكذاب، فلما دنا من اليمامة نزل وادياً من أوديتهم، فأصاب فيها مُجاعة بن مرارة، في عشرين رجلاً كانوا خرجوا في طلب رجل من بني نمير فقال لهم خالد: يا بني حنيفة، ما تقولون؟ قالوا: نقول: منَّا نبي ومنكم نبي. فعرضهم خالد على السيف، فقتلهم إلا مجاعة، فاستوثق منه بالحديد، ثم سار، فاقتتلوا، فكان أول قتيل من المشركين رحال بن عُنفوة، فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانكشف المسلمون، ثم تداعوا، فقال ثابت بن قيس بن شماس: بِئسَ ما عودتم به أنفسكم يا معشر المسلمين، اللَّهم إني أبرا إليك مما يصنع هؤلاء، ثم قاتل حتى قتل.
وروي عن هشام بن عروة عن أبيه قال: جاء المسلمون حتى بلغوا الرِّحال، فقال ابن العوام: يا أيها الناس قد بلغتم الرحال، فليس لأحدٍ مفر عن رحله، فارجعُوا فرجعوا، فهزم اللَّه المشركين، وقتل مسيلمة. وكانت وقعة جسر أبي عبيدة في آخر شهر رمضان، وأول شوال، من سنة ثلاث عشرة، في صدر خلافة عمر بن الخطاب. وذلك أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعث أبا عبيد بن مسعود الثقفي إلى العراق، فلقي جابان بيْن الحرة والقادسية، ففض جمعه، وأسره، وقتل أصحابه. ففدى جابان نفسه، ثم أغار على تلك النواحي، وبعث البعوث في تلك الجهات فسبوْا ومثَّلُوا، فلما رجع المشركون منهزمين إلى مليكهم شتمهم وأقصاهم ودعا بهمان ذا الحاجب وعقد له على اثني عشر ألفاً وأعطاه سلاحاً كثيراً. وحمل معه من آلة الحرب أوقاراً ودفع إليه الفيل الأبيض، وبلغ