يبيت في معتكفه حتى يصبح. وقال عبد الملك بن الماجشون بقول سحنون: إن ذلك يفسد اعتكافه، قال: وإن أصاب أهلا، أو فعل ما ينقض اعتكافه في ليلة الفطر، كان ذلك ناقضا لاعتكافه؛ لأنها من اعتكافه، له فيها ما للمعتكف، وعليه ما عليه؛ وقاسها ابن الماجشون بركعتي الطواف، وقال: هو من بابه وجدت الطواف ينقضي بالركعتين، ووجدته إن انتقض وضوؤه في الركعتين أو قبلهما، انتقض طوافه، وقد يرى أنهما ليستا من أشواطه السبعة، كما أن ليلة الفطر ليست من ليالي صومه، والاعتكاف لا يكون إلا بصومه.
قال محمد بن رشد: قد احتج ابن الماجشون لقوله، وقول مالك أظهر، ووجهه: أن ليلة الفطر ليست من العشر الأواخر، فلو أن رجلا حلف ألا يكلم فلانا في العشر الأواخر، فكلمه بعد غروب الشمس من ليلة الفطر لم يحنث؛ فكذلك من نوى اعتكاف العشر الأواخر، ودخل فيها أو نذرها، لما يلزمه المقام ليلة الفطر في اعتكافه بموجب نذره، وإنما يؤمر بذلك اتباعا لفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فإن لم يفعل فقد قضى ما لزمه من الاعتكاف، وقصر في ترك السنة؛ إذ ليس في مقام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة الفطر في معتكفه، ما يدل على أن الليلة من العشر، ولا أن لها حكم العشر، إذ قد زاد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كثير من الشرائع زيادات، فكانت سننا فيها، ولم يكن لها حكمها في الوجوب؛ من ذلك سنن الوضوء، ورفع اليدين في الإحرام، والركعتان عند الإهلال؛ وقد اشترى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جابر بن عبد الله جملا فقضاه الثمن وزاده زيادة، فلم يكن على من اشترى شيئا، أن يزيد البائع عند القضاء؛ وإن زاد لم يكن للزيادة حكم الثمن المزيد عليه في جميع أحواله، وفي دون هذا كفاية، ولما كانت زيادة الليلة في الاعتكاف تختص باعتكاف العشر الأواخر دون ما سواه من الاعتكاف، ضعف قياس ذلك على ركعتي الطواف، لكونهما أصلا في كل