فهي البَحِيرة، ابنة السائبة، والوصيلة إن الشاة إذا أنتجت عشرة إناث متتابعات، في خمسة أبطن ليس فيهن ذكر، جعلت وصيلة، قالوا: وصلت، فكان ما ولدت بعد ذلك للذكر منهم، دون إناثهم، إِلَا أن يموت منها شيء، فيشتركون في أكله ذكورهم وإناثهم، والحامي إن الفحل إذا تم له عشر إناث متتابعات، ليس فيهن ذكر، قالوا: حما ظهره فلم يركب، ولم يجز وَبره ويخلى في إبله يضرب فيها، ولا يتبع به لغير ذلك. قال اللَّه لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ}[المائدة: ١٠٣] الآية، وقال قتادة: البحيرة من الإِبل، كانت الناقة إذا انتجت خمسة أبطن، فإن كانت الخامسة ذكراً كان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى بتكوا أذنها ثم أرسلوها فلم ينحروا لها ولداً. ولم يشربوا لها لبنَاَ ولم يركبوا لها ظهراً.
وأما السائبة فإنهم كانوا يسيبون بعض إبلهم، فلا تمنع حوضاً أن تشرع فيه، ولا مرْعى أن ترْتع فيه، والوصيلة الشاة كانت إذا وَلدت سبعة أبطن، فإن كان السابع ذكراً ذبح وأكله الرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تركت.
وقالوا أيضَاَ: إن الوصيلة: الشاة إذا ولدت سبعة أبطن ذبحوا السابع إذا كان جدْياً وإن كان عناقَاَ استحيوها، وإن كان جَدياً وعناقاً استحيوهما كليهما، وقالوا: إن الجدي وصلته أخته فحرمته علينا. وجملة القول في هذه الآية: إن القوم كانوا يحرمون من أنعامهم على أنفسهم ما لم يحرمه الله عليهم، اتباعاً منهم لخطوات الشيطان، فوبخهم اللَّه بذلك. ولا يضر الجهل بكيفية ذلك. واختلف في قوله عز وجل:{وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}[المائدة: ١٠٣] في المعني بالذين كفروا، وبالمراد بقوله:{وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}[المائدة: ١٠٣] فقيل: الذين كفروا هاهنا أهل الكتاب، والذين لا يعقلون أهل الأديان، وقيل هم أهل ملة واحدة. والمفترون المبتدعون والذين لا