للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ أَوْ عَجِبَ مِنْ فَعَالِكُمَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: ٩] » وروي عن أبي هريرة أنه قال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُضِيفَهُ فَلَْم يَكُن عِنْدَهُ مَا يُضِيفهْ، فَقَالَ: أَلَا رَجُلٌ يُضِيفُ هَذَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -؟ فَقَالَ رَجُل مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو طَلْحَةَ، فانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ فَقَالَ لْامْرَأَتِهِ» . وساق الحديث بمعنى حديث البُخاري. فيحملُ أن يكون ثابت بن قيس بن شماس يُكنَى أبا طلحة، ويحتمل أن يكون رجلاً آخر فعل مثل ما فعل ثابت بن قيس في وقت آخر. ومعنى ضَحِكَ اللَّهً مِن فَعَالِكُمَا اللَّيْلَةَ أي أَبدى رضاه عن ذلك، وعظيم كرامته لهما على ذلك وأَظهر بمنه عليهما جزيل ثوابه على فعليهما، لأن معنى الضحك في لسان العرب راجع إلى ظهور ما كان مستتراً. يقال: ضحكت الأرض إذا ظهر فيها النبات، وضحك الطريق إذا ظهر وتبين فيحمل من الله عزَّ وجلّ على ما ذكرناه مما يليق به، ولا يستحيل في صفته. وقوله في حديث البخاري: أَوْ عَجِبَ شك من المحدث في أَي اللفظين قاله النبيّ عليه السلام، ومعناهما متقارب، لأن معنى عجب الله من فعل الرجل أي رضي عنه وعظم عنده من أَجله قدرُه، لأن المتعجب منا، معظم لما تعجب منه، راضٍ به، وذلك جائز في صفة الله تعالى، وذلك لا يكون منا إِلّاَ مِن أمر يطرأُ علينا علمُه، وذلك مستحيل في حقه تعالى، لتقدم علمه بما كان ويكون، فيحمل التعجب إذا أُضيف لله تعالى على ما يليق به ويجوز في حقه، دون ما يستحيل عليه ولا يجوز. ومعنى قوله: باتا طاوييْن أَي ضامري البطن من الْخَوَا يقال طويَ بطنُه يطوى فإذا تعمد ذلك، قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>