قال محمد بن رشد: في هذا الحديث تقديم أبي بكر الصديق على عمر بن الخطاب، وليس في قوله: نِعْمَ الرَجُلُ أبو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجرَّاح بعد قوله عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، دليل على أنه أفضل الناس بعده، والذي عليه عامة أهل السنة، وكافة علماء الأمة، أن أمة نبينا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أفضل الأمم، كما أنه هو أفضل الأنبياء والرسل، وخاتم النبيين، وسيد الخلق أجمعين، وأَن أفضل أصحابه - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثمِ عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب، وقد روي هذا عن مالك نصاَ وقيل: إنه الذي رجع إليه بعد أن كان وقف في عثمان وعلي، فلم يفضل أحدهما على صاحبه على ظاهر ما وقع في كتاب الديات من المدونة على أنه كلام محتمل للتأويل، لأن قوله: ويرى الكف عنهما يحتمل أن يكون من كلام ابن القاسم، حكاية عن مالك، ويحتمل أن يكون من قول مالك، حكاية عمن أدرك ممن يقتدي به ولعله يريد في الرواية، لا في العلم والفقه، ولعلَّه قد صح عنده عمَّن لم يدرك ممن هو أرفع مرتبةً ممن أدرك تفضيل عثمان على علي، فأخذ بذلك، على ما روي عنه منصوصاً عليه، وقد وقع في بعض الروايات، ورأيته يرى الكف عنهما، فيكون هذا تأويلاً من ابن القاسم على مالك، والتأويل قد يخطئ ويصيب. ثم يقدم بعد هؤلاء الخلفاء في التفضيل، بقية العشرة، الذين شهد لهم رسول اللًه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وهم الزبيرُ بن العوَّام، وطلحة بن عُبيد اللَّه، وعبد الرحمن بن عوف، وسعدُ بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجرَّاح، وسعيد بن زيد.