قال محمد بن رشد: معنى قوله: " حَتَّى يَقُولُوا لَا إلهَ إلَّا اللَّهُ " أي حتى يسلموا فيقولوا لا إلهَ إلّاَ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ويلتزموا سائر قواعد الِإسلام. وهي الصلاة والزكاة والصيام، وحج بيت الله الحرام، من استطاع إليه سبيلاً، لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«بُنيَ الِإسْلَامُ عَلَى خَمْس شَهَادَة أَن لَا إله إلاَّ الله وَإقَام الصَّلاَةِ وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْم رَمَضَانَ، وَحَجِّ بَيْتِ اللِّهِ الْحَرَام» لَا أن قتالهم يحرم بمجرد قول لا اله إلا الله فقد قال أبو بكر الصديق: والله لأقَاتِلَنَّ من فرَّق بَيْنَ الصَلاَةِ وَالزَّكَاةِ. وقد روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة ذُكر في بعضها مع شهادة أن لا اله إلا اللَّه الصلاة، وفي بعضها الصلاةُ والزكاة، وفي بعضها الصيام والصلاة والزكاة وصيام شهر رمضان. وأداءُ الخمس وهو بين ما ذهبنا إليه من أنَّ الشرائع داخلة في الحديث بالمعنى، وإن لم تذكر فيه. وقد ذهب بعض من تكلم على معاني الحديث أن ما روي في هذا الحديث من اختلاف الألفاظ فيه، محمولة على ظاهرها من التعارض، لأن المعنى فيها أنها مرتبة على الأزمان، لأن الفرائض كانت تَنْزِلُ شيئاً بعد شيء، فالحديث الذي لم يذكر فيه شيء من الشرائع، كان في أول الإسلام قبل فرض الصلاة، والحديث الذي ذكر فيه الصلاة، ولم يذكر فيه الزكاة، كان قبل فرض الزكاة، والحديث الذي ذكر فيه الزكاة والصلاة، ولم يذكر فيه صيام رمضان كان قبل فرض صيام رمضان. والحديث الذي ذكر فيه صيام رمضان متأخراً عن الأحاديث الأول، والذي ذكرناه وذهبنا إليه في تأويل الحديث أولى والله أعلم. ومعنى قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " وَحِسَابُهُم عَلَى اللَّهِ " أي أنه