أدري ما هذا؟ وإنما الأعمال بالنية فأما اليهود والنصارى يعملون الآن، فإذا أسلموا كتب لهم، فأنكر ذلك.
قال محمد بن رشد: قول مالك هذا في أن الكافر لا يثاب إذا أسلم بما عمله من الخير في حال كفره، صحيح، واحتجاجه في ذلك بقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنما الأعمال بالنيات» . بين واضح، لاسيما بما في الحديث من قوله فيه:«وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» والكافر ما عمل في حال كفره من صلة رحم أو فعل معروف، أو عتق رقاب أو قرا ضيف فإنما يريد بذلك أن يحمد بذلك ويشكر عليه، فليس له بما فعله من ذلك إلا ما نوى به، وإذا كان المسلم لا يكون له بما عمله إذا لم يرد به وجه الله إلا ما نواه من أمر دنياه، فأحرى ألا يكون للكافر إلا ذلك، ويؤيد هذا ما روي «عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله: إن أبي كان يفعل كذا وكذا ويصل الرحم. قال: إن أباك أراد أمرا فأدركه» . أي إنما كان ذلك منه لمعنى قد بلغه وناله في دنياه، فلا ثواب له عليه في أخراه وقد ينتفع بذلك ولده من بعده، فيكون له به شرف عند الناس وحرمة، ويؤيد هذا ما روي من «أن سلمان بن عامر أتى النبي عليه السلام فقال: إن أبي كان يقري الضيف، ويفعل ويفعل، وإنه مات قبل الإسلام، فقال:" لن ينفعه ذلك ". فلما ولى قال علي الشيخ، فلما جاء قال إن ذلك لن ينفعه، ولكن في عقبه، إنهم لن يفتقروا ولن يذلوا ولن يجزوا.» والمعنى في رده إياه والله أعلم أنه أراد أن يبين له أن قوله لن ينفعه ذلك، إنما أراد بذلك أنه لا ينفعه في الآخرة، ولم يرد أن المنفعة بذلك في الدنيا تنقطع بموته، إذ قد ينتفع بذلك عقبه من بعده، فيكون لهم به حرمة يراعون من أجلها ويتمكنون من