عبد الله بن دينار، عن عروة بن الزبير، «عن عائشة زوج النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنها قالت: خرج النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة، أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين رأوه، فلما أدركه قال: يا رسول الله: جئتك لأتبعك، وأصيب معك، فقال له النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أتؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: أرجع فلن أستعين بمشرك، قالت عائشة: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال كما قال أول مرة، فقال: لا، أرجع فلن أستعين بمشرك، قالت. فرجع، ثم أدركه بالبيداء، فقال له كما قال أول مرة: أتؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، قال: فانطلق» .
قال محمد بن رشد: وقع هذا الحديث في كتاب الجهاد من المدونة، وأخذ به مالك وأصحابه، فلم يجيزوا للإمام أن يستعين بالكفار على قتال العدو، ولا أن يأذن لهم في الغزو مع المسلمين، ولا منفردين أيضا؛ لأنه وجه من العون، ولأنهم يستبيحون فيه ما لا يجوز في الغزو على ما قاله أصبغ في نوازله؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لن أستعين بمشرك» . ولما روي من «أن الأنصار قالوا يوم بدر: ألا نستعين بحلفائنا من يهود؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا حاجة لنا فيهم» . وهو نص قول ابن القاسم في سماع يحيى من كتاب الجهاد. قال: لا أحب للإمام أن يأذن لهم بالغزو. ودليل على أنهم إن لم يستأذنوه لم يجب عليه أن يمنعهم.