ومعناه، بعادة أجراها الله من غير أن يكون للدار في ذلك تأثير، أو عدوى، وقد ذهب بعض الناس إلى أن حديث النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في «الشؤم في الدار والمرأة والفرس» يعارضه ما جاء عنه من أنه قال: «لا عدوى ولا طيرة» . وضعف حديث الشؤم لما روي من «أن عائشة أنكرت على أبي هريرة حديثه عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: الطيرة في المرأة والدار والدابة، وأقسمت أنه ما قاله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قط. وإنما كان أهل الجاهلية يقولونه. ثم قرأت {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}[الحديد: ٢٢] » ومنهم من صحح الحديث وتأوله على أن معنى الشؤم في الدار، سوء الجوار، وفي المرأة سوء خلقها. والذي أقول به: إنه لا تعارض بين الحديثين؛ لأن المعنى الذي أوجبه في أحدهما غير المعنى الذي نفاه في الأخرى. نفى في الحديث الواحد أن يكون لشيء من الأشياء عدوى في شيء من الأشياء أو تأثير فيه بقوله:«لا عدوى ولا طيرة» ، إذ لا فاعل في الحديث سوى الله عز وجل. وأعلم في الحديث الأخر أنه قد يوجد الشؤم في الدار والمرأة والفرس، وهو تكرر الأذى على ساكن بعض الدور، أو نكاح بعض النساء، أو اتخاذ بعض الخيل بقضاء الله وقدره السابق على ما أخبر به في كتابه حيث يقول:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ}[الحديد: ٢٢] .... الآية. وفي الفرس ركوبه فيما لا ينبغي ركوبه فيه، لا بعدوى في شيء من ذلك إلى شيء ولا تأثير له فيه، فلم ينف النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بقوله «لا عدوى» وجود ما هو موجود مما يعتدي، وإنما بقي أن يكون شيء من الأشياء يعدي على ما يعتقده أهل الجاهلية والجهالة بالله. ألا ترى إلى