لعبد في حاجة أذن له فيها بالدعاء. قال مالك: بينما عروة بن الزبير في المسجد، إذا برجل يصلي، ثم انصرف ولم يدع كثيرا. قال: فدعاه عروة بن الزبير فقال له: أما كانت لك حاجة إلى الله؟ والله إني لأدعو في حوائجي حتى في الملح، وقد بلغني أنه ما من داع يدعو إلا كان على إحدى ثلاث: إما أن يعطى الدعوة التي دعاها، أو يدخر له، أو يصرف عنه بها.
قال محمد بن رشد: قوله في الحكاية الأولى: فإن الله قد بارك لعبد في حاجة أذن له فيها بالدعاء. معناه قد بارك له في حاجة وفقه فيها للدعاء، إذ هو مأذون له في الدعاء في جميع حوائجه؛ لأن الدعاء عبادة من العبادات يؤجر عليها الأجر العظيم، أجيبت دعوته فيما دعا به أو لم تجب. لأنه لا يدعو ويجتهد في الدعاء إلا بإيمان صحيح، ونية خالصة. ولن يضيع له ذلك عند الله تعالى، فإن الله عز وجل يقول:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: ١٤٣] فهذا وجه بركة تلك الحاجة عليه إن كانت سببا لانتفاعه بدعائه في أخراه، وإن حرم المنفعة به في دنياه؛ لأن الذي أعطي خير من الذي حرم. وليس فيما جاء في الحديث من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر عنه» . ما يدل على أنه لا يدخر له ولا يكفر عنه إذا استجيب له. لأن المعنى فيه إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر عنه مع الاستجابة له. والله أعلم، وبالله تعالى التوفيق.