قال:«غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعصية عصت الله ورسوله» .
قال محمد بن رشد: إنما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عصية إنها عصت الله ورسوله، لما كان من غدرهم بأهل بير معونة، وذلك أن رعل وذكوان وعصية وبني لحيان، على ما في الصحيح «استمدوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عدو فأمدهم بسبعين من الأنصار، كانوا يسمون بالقراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنقار ويصلون بالليل، حتى إذا كانوا ببير معونة قتلوهم وغدروا بهم. فبلغ النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فقنت شهرا يدعو في الصبح على أحياء من أحياء العرب، على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان. قال أنس راوي الحديث: فقرأنا فيهم قرآنا، ثم إن ذلك رفع: بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا. وأما أسلم، فإنما قال فيها: سالمها الله. لما روي عن أبي هريرة أسلم ومعه سبعون راكبا من أهل بيته. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الحمد لله إذ أسلمت بنو سهم طائعين غير مكرهين، ودعا لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فقال: أسلم سالمها الله» . وذلك إن إسلامهم كان سالما من غير حرب. وإما غفار فإنما خصهم بالدعاء والمغفرة - والله أعلم- لمبادرتهم إلى الإسلام، وقد أسلم أبو ذر في أول أيام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو بمكة، غير ظاهر، وفي قصة إسلامه أنه قال:«أتيت رسول الله فأسلمت، فرأيت الاستبشار في وجهه، فقال: من أنت؟ فقلت: أنا جندب رجل من غفار، فكأنه ارتدع وود أني كنت من غير قبيلتي.» وذلك لما كانوا يقرفون به من الشر. وكانوا يستحلون