موضعه وبين البيت إذ قدموه مخافة السيل فقاسه عمر، فأخرجه إلى موضعه اليوم، فهذا الذي كان في الجاهلية وعلى عهد إبراهيم. قال: وسار عمر في أعلام الحرم، واتبع رعاة قدماء كانوا مشيخة من مكة، كانوا يرعون في الجاهلية، حتى تتبع أنصاب الحرم فحدده، فهو الذي حدد أنصاب الحرم ونصبه. وقال مالك: وبلغني أن الله تعالى لما أراد أن يري إبراهيم مواضع المناسك، أوحى إلى الجبال أن تنحي له، فتنحت له حتى أراه مواضع المناسك. فهو قول إبراهيم في كتاب الله تعالى:(ربنا أرنا مناسكنا) وليس في التلاوة ربنا، وإنما فيها {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}[البقرة: ١٢٨] مجازا، أي وأرنا مواضع مناسكنا، خرج ذلك مخرج:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] أي واسأل أهل القرية؛ لأن المناسك هي الأعمال التي يتقرب إلى الله بها، وينسك له في تلك المواضع من الطواف والإفاضة، والوقوف بعرفة والمزدلفة، وسائر أفعال الحج. والرواية في قوله:{وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}[البقرة: ١٢٨] رواية عين على ما نص عليه في الحديث. وقد قيل: إن مناسك الحج مشاعره وهي المواضع التي تفعل فيها أفعال الحج، من الطواف والسعي، والرمي والذبح. فعلى هذا القول يكون قوله:{وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}[البقرة: ١٢٨] على هذا الحديث رواية عين حقيقة، لا مجاز فيه. وقيل لم يرد بقوله:{وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}[البقرة: ١٢٨] رواية عين وإنما أراد علمنا إياها ودلنا كيف نصنع فيها. من ذهب إلى هذا بما روي عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال: قد فعلت أي ربي فأرنا مناسكنا أبرزها لنا علمنا إياها، فبعث الله عز وجل جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فحج به. وقيل: المناسك في قوله عز وجل: