احتلم ليلا في رمضان فاستيقظ قبل أن يطلع الفجر ثم نام قبل أن يغتسل فلم يستيقظ حتى أصبح، قال فأتيت أبا هريرة حين أصبح فاستفتيته في ذلك فقال: أفطر، فإن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يأمر بالفطر إذا أصبح جنبا، قال عبد الله بن عبد الله فجئت ابن عمر: فذكرت الذي أفتاني به أبو هريرة، فقال: قسم بالله لئن أفطرت لأوجعن مشفيك، فإن بدا لك أن تصوم يوما آخر فافعل.
وقد روي عن أبي هريرة من وجوه أنه نزع عن الفتوى بهذا.
والذي عليه جماعة الصحابة وفقهاء الأمصار: مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وعامة العلماء أن صيام من أصبح جنبا صحيح جائز لا قضاء عليه فيه، علم بجنابته قبل الفجر أو لم يعلم، وكذلك الحائض إذا طهرت من الدم قبل الفجر فاغتسلت بعده هي من أهل الصيام تصوم ولا تقضي، وقال ابن الماجشون: إنها إن طهرت قبل الفجر فقامت ولم تتوان في غسلها فلم تفرغ منه حتى طلع الفجر فليست من أهل الصيام قياسا على الصلاة، وهو قول محمد بن مسلمة، وحكى ابن عبد البر، عن ابن الماجشون: أنها إذا طهرت قبل فأخرت غسلها إلى بعد الفجر أن يومها يوم فطر لا يجزيها صيامه.
وخطأه في ذلك، احتج فيه عليه، وأراه غلطا فيما نسب من ذلك إليه، والصواب ألا فرق في هذا بين الحائض والجنب على ما ثبت عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ودل عليه قول الله عز وجل:{فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ}[البقرة: ١٨٧] الآية؛ لأن الجماع إذا كان مباحا إلى طلوع الفجر فالغسل إنما يكون بعده.
وفي ذلك بين جماعة التابعين اختلاف كثير، منهم إبراهيم النخعي