عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: إن كان ليكون علي الصيام من رمضان، فما أستطيع أن أصومه حتى يأتي شعبان، للشغل برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ لو كان القضاء على الفور، لما منعها من ذلك الشغل، والواجب على التراخي تعجيله أفضل، فلما كان إن صام يوم عاشوراء تطوعا، وأخر القضاء، أحرز فضل اليوم، وفاته تعجيل القضاء، وإن صامه للقضاء، أحرز تعجيل القضاء، وفاته فضل صوم النهار؛ وقع الاختلاف، فوجه القول بأن صومه تطوعا أحسن، هو أن فضيلة صومه قد وردت الآثار عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بنصها، وقدرها، وفضيلة تعجيل القضاء إنما علمت بالنظر والقياس، فذلك فيها معدوم، وأيضا فقد روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس قبل صلاة الصبح، وقضى الصلاة على الفور، فكيف بقضاء الصيام الذي هو على التراخي، ووجه القول بأن صيامه للقضاء أحسن، هو أنه إن صامه تطوعا لم يأمن أن تخترمه المنية قبل القضاء، فلا يقبل منه التطوع على ظاهر ما جاء عن أبي بكر الصديق، من أنه لا يقبل من أحد نافلة، وعليه فريضة حتى يؤديها؛ ووجه القول في تخيير الفاعل فيما شاء من ذلك، هو أن الدلائل استوت عنده، واستواؤها دليل على التخيير، وهذا نحو قوله في الإبل إذا زادت على العشرين ومائة - واحدة، جعل الساعي مخيرا لما استوت عنده الأدلة في مقدار الزيادة المذكورة في الحديث، إن كان المراد بها ما كانت من قليل أو كثير أو زيادة بغير الفرض، ظاهر ما في كتاب الصيام من المدونة: أن قضاء رمضان على الفور؛ لأنه قال فيمن أفطر في رمضان في سفر أو مرض ثم قدم فأقام شهرا، أو صح شهرا ثم مات، وأوصى أن يطعم عنه؛ أن ذلك يكون في ثلثه مبدأ. وكذلك على مذهبه