أمراء الخلافة من بعدي» وهذا لا دليل فيه أيضا؛ لأنه بنى مسجده أيضا فلم يختص بناء مسجد قباء دون مسجده، فصح ما ذهب إليه مالك بتأييد الأثر له عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بالنص على أنه مسجده.
واستدلال مالك في رواية أشهب عنه بقول عمر بن الخطاب ظاهر، وذلك أن الله تعالى لما ذكر فيه أنه أسس على التقوى لم يستجز نقض أسه وتبديل قبلته إلا بما سمع من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك وأراه قد أراد أن يفعله.
وروي عن ابن عباس أنه قال:«لما بنى رسول الله مسجد قباء خرج رجال من الأنصار وهم اثنا عشر رجلا من المنافقين فبنوا مسجد النفاق، فقال رسول الله لأحدهم: ويلك ما أردت إلى ما أرى؟ فقال: يا رسول الله ما أردت إلا الحسنى، وهو كاذب، فصدقه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وروي «أن رسول الله أقبل من تبوك حتى نزل بذي أوان: بلد بينه وبين المدينة ساعة من النهار، وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاقة، وإنا لنحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه، فقال: إني على جناح سفر وحال شغل، أو كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولو قد قدمنا أتيناكم فصلينا لكم فيه، فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد بما أنزل الله فيه من قوله:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ}[التوبة: ١٠٧] » يعني ليلا يصلون في مسجد قباء جميعا {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ}[التوبة: ١٠٧] يعني رجلا كان منهم يقال له أبو عامر الراهب، كان محاربا لرسول الله، وكان قد انطلق إلى هرقل، فكانوا يرصدون إذا قدم أبو عامر أن يصلي فيه، وكان قد خرج