العلم الشريف الذي يحظى به صاحبه ويغبط فيه ويحمد عليه، فكانت بدر وهي أعظم المشاهد وأكثرها فضلا لمن شهدها؛ لأن الله أعز بها الدين ونصر فيها المسلمين، وأمدهم بالملائكة المسومين، وأذل بها المشركين في يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة، وذلك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هاجر إلى المدينة فقدمها في ربيع الأول يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت منه، فأقام بها إلى أن دخلت السنة الثانية.
ففي السنة الثانية في صدر صفر منها كانت غزوة ودان، ويقال لها غزوة الأبواء، وهي أول غزواته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خرج فوادع بني ضمرة بن عبد مناة، وعقد ذلك معه سيدهم مخشي بن عمرو ثم رجع ولم يلق كيدا.
وفيها بعث حمزة بن عبد المطلب في ثلاثين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد إلى سيف البحر من ناحية العيص فلقي أبا جهل في ثلاثمائة راكب من كفار أهل مكة فحجر بينهم مجدي بن عمرو الجهني وتوادع الفريقان، فلم يكن بينهم قتال.
وفيها بعث عبيدة بن الحارث في ستين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد، فنهض حتى بلغ ابني وهي ماء بأسفل ثنية المرة من الحجاز، فلقي بها جمعا من قريش عليهم عكرمة بن أبي جهل، فلم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبي وقاص كان في ذلك البعث، فرمى فيه بسهم، فكان أول سهم رمى به في سبيل الله، واختلف أهل السير في هذين البعثين أيهما كان قبل صاحبه.