ويحسب أهل المسجد أنهم في أهليهم، فيصلون من الليل حتى إذا تقارب الصبح احتطبوا الحطب واعتذبوا الماء فوضعوه على أبواب حجر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وأمر على جميعهم المنذر بن عمرو، فنهضوا حتى نزلوا بئر معونة من أرض بني عامر وحرة بني سليم ثم بعثوا منها حرام بن ملحان بكتاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى عدو الله عامر ابن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا عليه فقتله، ثم استصرخ عليهم بني عامر فأبوا أن يجيبوه، وقالوا: لا نخفر أبا براء وقد عقد لهم عقدا وجوارا، فاستصرخ عليهم قبائل من سليم: عصية ورعل وذكوان، فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ثم قاتلوا حتى قتلوا من آخرهم إلا كعب بن زيد منهم، فإنهم تركوه وبه رمق فأرتت من بين القتلى وعاش حتى قتل في الخندق شهيدا وكان في سرحهم عمرو بن أمية الضمري ورجل من الأنصار، فلما رجعا لينظرا حال قومهم وقد شعروا بأمرهم إذا الخيل التي أصابتهم واقفة، فقال الأنصاري لعمرو ابن أمية: ما ترى؟ فقال: أرى أن تلحق برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتخبره الخبر، فقال الأنصاري: ما كنت لأرغب عن موضع قتل فيه المنذر بن عمرو، فقاتل حتى قتل، وأسر عمرو بن أمية فجز عامر بن الطفيل ناصيته وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه، فقدم على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد أن قتل في طريقه