إلى قوله:{وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}[الحشر: ١٧] فكان إجلاء بني النضير أول الحشر في الدنيا إلى الشام، ولذلك قيل للشام أرض المحشر، وفي الحديث:«تجيء نار من قعر عدن تحشر الناس إلى الشام تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا» .
وكان سبب غزوة بني النضير أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما قال لعمرو بن أمية: لقد قتلت قتيلين لأدينهما خرج بنفسه إلى بني النضير مستعينا بهم في ذلك، وكانت بينه وبينهم موادعة، فتوامروا على قتله، وهموا أن يلقوا عليه صخرة في مكانه الذي كان فيه جالسا عندهم، فأعلمه الله بذلك، فخرج عنهم ولم يشعر أحد ممن معه، ونهض إلى المدينة، فلما استبطأه أصحابه وراث عليهم خبره أقبل رجل من المدينة فسألوه، فقال: لقد لقيته وقد دخل أزقة المدينة، فقام أصحابه ولحقوا به، فأخبرهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما أوحى الله إليه مما أرادت اليهود فعله، وأمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه بالتهيؤ لقتالهم وحربهم، وخرج إليهم.
وفيها كانت غزوة ذات الرقاع، في جمادى الأولى منها خرج لخمس خلون من الشهر يريد بني محارب وبني ثعلبة بن غطفان حتى نزل نخلة، فلقي بها جمعا من غطفان، وتقارب الناس ولم يكن بينهم قتال، وصلى بها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة الخوف، ثم انصرف، وإنما سميت ذات الرقاع؛ لأن أقدامهم