عمرو بن العاص من ناحية الذي هو به، فبعث إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستمده، فندب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المهاجرين الأولين، فانتدب فيهم أبو بكر وعمر في سراة من المهاجرين وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجرح، فأمد بهم عمرو بن العاص، فلما قدموا على عمرو، قال: أنا أميركم، وإنما أرسلت إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أستمده فأمدني بكم، قال المهاجرون: بل إنما أنت أمير أصحابك، وأبو عبيدة أمير المهاجرين، فقال عمرو: إنما أنتم مدد أمددت بكم، فلما رأى ذلك أبو عبيدة، وكان رجلا حسن الخلق لين الشكيمة متبعا لأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعهده، قال: تعلم يا عمرو أن آخر ما عهد إِلَيَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا، وإنك والله لئن عصيتني لأطيعنك، فسلم أبو عبيدة الإمارة لعمرو بن العاص.
ثم خرج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذي القعدة قاصدا إلى مكة للعمرة على ما عاقد عليه قريشا في الحديبية، فلما اتصل ذلك بقريش خرج أكابرهم من مكة عداوة لله ولرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يقدروا على الصبر في رؤيته يطوف بالبيت هو وأصحابه، فدخل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة وأتم الله له عمرته، وقعد بعض المشركين بقيقعان ينظرون إلى المسلمين وهم يطوفون بالبيت، فأمرهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالرمل ليروا المشركين أن بهم جلدا وقوة، وكان المشركون قالوا في