إلى بلادها مسرورة بدينها وما أفاء الله عليها، وقسم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأموال بين المسلمين، وأعطى المؤلفة قلوبهم من قريش وغيرهم، وأعطى عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وأبا سفيان ابن حرب وابنه معاوية وحكيم بن حزام والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى، وصفوان بن أمية، ومالك بن عوف، والعلاء بن حارثة، فهؤلاء أصحاب المئين، وأعطى رجالا من قريش دون المائة، منهم سعيد بن يربوع أعطاه خمسين بعيرا، وأعطى عباس بن مرداس أباعر قليلة فسخطها، وقال في ذلك أبياتا، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقطعوا عني لسانه» ، فأعطوه حتى رضي، فكان ذلك قطع لسانه.
قال موسى بن عقبة: «ولما قسم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الغنائم أو ما شاء الله منها فأكثر لأهل مكة من قريش القسم، وأجزل لهم العطاء، وقسم لغيرهم ممن خرج إلى حنين استيلافا لهم، حتى إنه ليعطي الرجل الواحد مائة ناقة، والآخر ألف شاة، وزوى كثيرا من القسم عن أصحابه، فوجدت الأنصار في أنفسها من ذلك، وقالوا: نحن أصحاب كل موطن شدة وبلاء ثم آثر علينا قومه وقسم فيها قسما لم يقسمه لنا، وما نراه فعل ذلك إلا وهو يريد الإقامة بين ظهرانيهم، فلما بلغ ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتاهم في مجلسهم فجمعهم، وقال:" من كان هنا من غير الأنصار فليرجع إلى رحله "، فتشهد ثم قال: " حدثت أنكم عتبتم في المغانم أن آثرت بها أناسا أستألفهم على الإسلام، ولعلهم يفقهون، وقد جعل الله في قلوبكم الإيمان وخصكم بالكرامة، وسماكم بأحسن الأسماء، أفلا ترضون أن يذهب الناس