عمرو: من هذا؟ فيقال له: فلان، ويقول: من هذا؟ فيقال له: فلان، فقال عمرو: كم من أحسن في الله قد قتله فلان وفلان، يريد عليا ومعاوية، وما يريان أنهما يديان من دمه بشيء ثم يبكي.
قال محمد بن رشد: قول عمرو بن العاص وما يريان أنهما يديان من دمه بشيء، هو كما حكي عنهما من أن كل واحد منهما اعتقد باجتهاده أنه مصيب عند الله تعالى في فعله، فلا حرج عليه في ذلك إذ كان فرضه هو الذي أداه اجتهاده إليه من ذلك، فللمصيب منهما -وهو عندنا عَلِيٌّ - أجران، وللمخطئ منهما -وهو عندنا معاوية - أجر واحد، وكذلك حكم من اتبع كل واحد منهما وقاتل معه، هذا الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده فيما شجر بينهم؛ لأن الله تعالى قد أثنى عليهم في كتابه، وعلى لسان رسوله، فقال عز من قائل:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران: ١١٠] ، وقال:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة: ١٤٣] أي: خيارا عدولا، وقال:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: ٢٩] الآية، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم» .