ادع لي بالموت، فقال الرجل: وأنت فادع لي به، فقال عمر للرجل: لِم لَم تدع لي بالموت وأنت مخلى؟ فقال: إني أحب ذلك، قال: فدعوا فمات عمر ولم يمت الرجل، وبقي فكان الرجل يقول بعد ذلك: إن عمر بن عبد العزيز كان صادقا يريد الموت، وإني لم أكن صادقا.
قال سحنون قال ابن القاسم: قال لي مالك: والرجل رجل من أهل الشام كان له فضل، قال مالك: إني لأقول إن عمر بن الخطاب كان يحب ما يحب الناس من البقاء في الدنيا والمال والنساء، ولكنه خاف العجز فلذلك دعا الله اللهم اقبضني إليك غير مفرط ولا عاجز.
قال محمد بن رشد: ما قاله مالك في قول عمر بن الخطاب اللهم اقبضني إليك غير مفرط ولا عاجز من أنه إنما دعا بذلك مخافة الغير في الدين مثلُه يقال في دعاء عمر بن عبد العزيز على نفسه بالموت: إنه إنما دعا بذلك لما كان امتحن به من أمر الخلافة فخشي على نفسه التقصير فيما يتعين عليه في أمرها فيقع في الحرج، فإنما فر من الإثم بطول الحياة، ولا يجوز لأحد أن يدعو لنفسه بالموت من أجل ضر نزل به، فقد جاء النهي في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، روي عنه أنه قال:«لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به، وليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي» وبالله تعالى التوفيق.