إذا أيقن بطهارتها، فقيل: إن ذلك سنة من السنن التي الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة، وقيل: إن ذلك استحباب لا سنة، قيل: كان عهده بغسلها قريبا أو بعيدا، وهو أحد قولي مالك في هذه الرواية وقول ابن وهب في سماع عبد الملك من هذا الكتاب وقول ابن القاسم في رسم " أسلم " من سماع عيسى وفي سماع أبي زيد، وقيل: إنما ذلك إذا بعد عهده بالماء، وأما إن كان عهده بالماء قريبا فليس ذلك عليه في سنة ولا استحباب، وهو القول الثاني لمالك في هذه الرواية، وقول أشهب في سماع عبد الملك بن الحسن من هذا الكتاب. ووجه القول بأنه سنة «أن عبد الله بن زيد بن عاصم لما سأله السائل هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ، قال: نعم، فدعا بوضوء فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين مرتين» ، فكان في توقيت غسلهما مرتين مرتين دليل على أن غسلهما عبادة لا لنجاسة، فثبت كون ذلك سنة في الوضوء إذا لم يأت ما يعارضها. ووجه القول بأن ذلك استحباب أن هذه السنة قد عارضها دليل حديث أبي هريرة:«إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» ؛ لأنه لما علق الأمر بالغسل بالشك في طهارة يده دل ذلك على أنها لا تغسل إذا أوقن بطهارتها، فالاختلاف في غسل اليد قبل إدخالها في الوضوء إذا أوقن بطهارتها هل هو سنة أو استحباب مبني على الاختلاف في القول بدليل الخطاب، وهذا بين لمن تأمل. ويلزم على القول بأنه سنة أن لا يجزئ إلا بنية. وقد اختلف إذا غسل يديه قبل إدخالهما في الإناء ثم بعد غسلهما مع ذراعيه هل يجزئه ذلك أم لا؟ ففي مصنف عبد الرزاق عن عطاء أن ذلك يجزئه، وقال محمد بن عمر بن لبابة: لا يجزئه. قال محمد بن يحيى: وقول