غير المسمى، إذ لا اختلاف في أن التسمية غير المسمى، فهذه هي نكتة الاختلاف في الاسم هل هو المسمى أم لا؟
فعلينا أن نبين الفصل بين الاسم والتسمية؛ ليصح لنا ما صححناه من أن الاسم هو المسمى، فالتسمية هي الكلام والقول الذي به يتحرك اللسان، والاسم هو المفهوم من التسمية، فإذا سألت الرحمن الرحيم، أو دعوت السميع القريب المجيب فقد دعوت وسألت المسمى بما سميته به من الرحمن الرحيم والسميع القريب المجيب وهو الله رب العالمين، وكذلك إذا قلت: لقيت زيدا أو خالدا أو عالما أو كلمتهم أو صحبتهم كنت قد أخبرت حقيقة لا مجازا بلقائك وتكلمك وصحبتك لأعيانهم وأشخاصهم وذواتهم المسمين بأسمائهم التي سميتهم بها لا لغير أشخاصهم وأعيانهم، ومن لم يبن له الفرق بين الاسم والتسمية وقال: إن الاسم هو التسمية، وإنه غير المسمى حمل كل ما جاء من الإفصاح بأن الاسم هو المسمى على المجاز في القول، فقال: معنى قوله: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا}[يوسف: ٤٠] أي ما تعبدون من دونه إلا أشخاص أسماء سميتموها، وكذلك يقولون في قول القائل: سألت الرحمن الرحيم معناه سالت ربي المسمى بالرحمن الرحيم وكذلك يقولون في قول الرجل لقيت زيدا أو كلمته أو صحبته معناه: لقيت المسمى بزيد أو كلمته أو صحبته، ولا يصح أن يعدل بالكلام عن الحقيقة إلى المجاز من غير ضرورة، فلم يأت من قول من قال من أهل السنة: إن الاسم غير المسمى ببدعة إلا أنه أخطأ خطأ ظاهرا وجهل جهلا لائحا؛ إذ لم يفترق عندهم الاسم من التسمية حتى قالوا: لو كان الاسم هو المسمى لكان من قال نار احترق فوه، ومن قال: زيدا وجد زيدا في فيه، وهذا جهل؛ إذ لا يوجد في فم الذي قال نارا إلا التسمية التي هي القول لا الاسم الذي هو المفهوم منه على ما بيناه، ولو وجد اسم النار في فيه لاحترق فوه.