للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال مالك: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: ٢٦] {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧] فأخبر نوح بما لم يكن بأنه فاجر كفار لما سبق من الله تبارك وتعالى في ذلك وقدر عليهم، قال مالك: وما رأيت أهله من الناس إلا أهل سخافة عقل وخفة وطيش.

قال محمد بن رشد: الآيتان جميعا بينتان في الرد على المكذبين بالقدر لأن الله عز وجل أخبر في الآية الأولى التي نزع بها عمر بن عبد العزيز أنهم لا يفتنون عن دين الله ويردونه إلى ما يعبدونه من دون الله إلا من هو صال الجحيم بما سبق عليه من قدر الله، وسواء كان الخطاب في قوله: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ} [الصافات: ١٦١] للمشركين الذين يعبدون الأوثان، أو لبني إبليس وهم الجنة الذين تقدم ذكرهم في التلاوة على اختلاف أهل التأويل في ذلك، الحجة في ذلك على أهل القدر قائمة؛ لأن المعنى في ذلك أنهم لا يفتنون ويضلون كانوا المشركين أو الشياطين إلا من قد سبق عليه القدر بأنه يصلى الجحيم.

وأخبر نوح بالآية التي نزع بها مالك أن قومه إن تركهم الله ولم يهلكهم بدعائه عليهم إذ دعا عليهم، ولا يكون ذلك إلا وقد أذن الله له في الدعاء عليهم فقال: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: ٢٦] {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧] أي إنهم إن ولدوا وليدا فأدرك كفر وهو شيء علمه من قبل الله عز وجل فقوله له: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: ٣٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>