الناس أعرض عنه، صنع ذلك به مرارا حتى عرف الرجل الغضب والإعراض عنه شكى ذلك إلى أصحابه، فقال: والله إني لأنكر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما أدري ما حدث لي وما صنعت، قالوا خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرأى قبتك، فسأل لمن هي، فأخبرناه، فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض، فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات يوم فلم يرها، فقال: ما فعلت القبة التي كانت هاهنا؟ فقالوا شكى صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها، فقال: أما إن كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لا إلا ما لا» يريد بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا ما إلا ما بني في غير ظلم ولا اعتداء بدليل ما روي من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بنى بنيانا في غير ظلم ولا اعتداء أو غرس غرسا في غير ظلم ولا اعتداء كان أجره له جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن» ، فلا يجوز الاعتداء في البناء وهو التطاول فيه والعلو والسرف، وإنما يجوز منه ما كان بوجه السداد على قدر الحاجة.
والتطاول في البنيان من أشراط الساعة التي قد أعلم الله أنها قد جاءت بقوله عز وجل:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}[محمد: ١٨] معناه فما ينظرون إلا قيام الساعة بالنفخة الأولى التي أخبر الله أنه يطعن بها أي يموت من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله أن تأتيهم فجأة فقد جاء أشراطها.
وأشراطها التي قد جاءت كثيرة.
فالنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من أشراطها قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «بعثت أنا والساعة كهاتين» وأشار بأصبعيه الوسطى والسبابة، أو جمع بين أصابعه الوسطى والسبابة على ما جاء في ذلك عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.