اتعظت وإلا ضربها ضربا غير مبرح، فإن طاعت فلا يبغي عليها سبيلا لقول الله عز وجل:{وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}[النساء: ٣٤] الآية فإن هي بذلت له على الفراق شيئا حل له أن يقبله إذا لم يتعد أمر الله تعالى فيها، ومن أهل العلم من أباح للرجل إذا زنت زوجته أو نشزت عليه أن يمسكها ويضيق عليها حتى تفتدي منه بظاهر قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[النساء: ١٩] وذهب إلى أن الفاحشة المبينة هي الزنا خاصة، فلم يبح له ذلك إلا إذا زنت.
ومنهم من ذهب إلى أن الفاحشة المبينة هي النشوز والبذاء باللسان، فلم يبح له ذلك إلا إذا نشزت عنه وبذت عليه بلسانها.
ولم يبح ذلك له مالك ولا أحد من أصحابه بحال لأن الاستثناء عندهم في قَوْله تَعَالَى:{إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[النساء: ١٩] استثناء منفصل غير متصل بمعنى لكن، فتقدير الكلام لكن إن أتين بفاحشة مبينة من نشوز وبذاء أحل لكم ما ذهبتم به من أموالهن إذا كان عن طيب أنفسهن لأن الله تعالى لم يبح للزوج شيئا من مال زوجته إلا عن طيب نفس منها، فقال عز وجل:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[النساء: ٢٠]{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[النساء: ٢١] الآية وقال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}[النساء: ٤] ولا يكون ذلك عن طيب أنفسهن إلا إذا لم يكن منه إليهن ضرر ولا تضييق، وبالله تعالى التوفيق.