الخطبة بشيء؟ فقيل له: فماذا قلت؟ قال: قلت نعم إذا كان من الأمر الذي يأمر به وينهى عنه يريد بذلك وجه الحق، وقد بلغني أن عمر بن الخطاب تكلم مع خطبته بكلام.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة من أن للإمام أن يتكلم يوم الجمعة وهو على المنبر بغير الخطبة ولا يكون بذلك لاغيا. قال فيها: وكذلك لا يكون لاغيا من رد على الإمام إذا كلمه وهو يخطب، وهو أمر لا اختلاف فيه أحفظه في المذهب. والحجة في إجازة ذلك ما يروى عن أبي الزاهرية عن عبد الله بن بشير قال:«جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اجلس فقد آذيت وآنيت» .
قال أبو الزاهرية: وكنا نتحدث حتى يخرج الإمام. وما روي عن جابر بن عبد الله قال:«جاء سليك الغطفاني ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر فقعد قبل أن يصلي فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أركعت ركعتين قال: لا قال: قم فاركعهما» . وهذا نص في جواز تكلم الإمام على المنبر يوم الجمعة بغير الخطبة، وفي جواز الرد عليه لمن كلمه. وتأول أصحابنا أنه إنما أمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالركعتين في ذلك الوقت ليري الناس حاجته فيتصدقون عليه، بدليل ما روي عن أبي سعيد الخدري «أن رجلا دخل المسجد ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر فناداه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فما زال يقول: ادن حتى دنا فأمره فركع ركعتين قبل أن يجلس وعليه خرقة خلق ثم صنع مثل ذلك في الثانية فأمره بمثل ذلك، ثم صنع مثل ذلك في الجمعة الثالثة فأمره بمثل ذلك وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للناس تصدقوا، فألقوا الثياب فأمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخذ