قال ولعله يكون على حالة يرجوها أو يكره مصيبة فما أحب ذلك له.
قال محمد بن رشد: روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به وليقل اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي» فلا ينبغي لأحد أن يتمنى الموت لضر نزل به. وأما إن كان على حال يرجوها وخاف الفتنة على نفسه في الدين فالدعاء بالموت مخافة الفتنة في الدين جائز، قد قال عمر بن الخطاب بالأبطح حين صدر من منى: اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مفرط ولا مضيع. ودعا عمر بن عبد العزيز - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على نفسه بالموت مخافة التضييع فيما يلزمه القيام به من أمور المسلمين ورغبة فيما عند الله عز وجل وحبا في لقائه، على ما مضى في رسم البر. ولم يحب مالك في هذه الرواية للرجل أن يفعل ذلك. ووجه قوله ما يرجوه مع طول الحياة من أعمال البر لا سيما الصلاة، فقد «قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأخوين اللذين توفي أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلة فذكرت فضيلة الأول عنده فقال: ألم يكن الآخر مسلما؟ قالوا: بلى يا رسول الله وكان لا بأس به، فقال: وما يدريكم ما بلغت به صلاته، وإنما مثل الصلاة كمثل نهر عذب غمر يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فما ترون يبقي ذلك من درنه فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته» . ومن الحظ للرجل أن يدعو إذا خاف التقصير في العمل أن يجعل مكان دعائه لنفسه بالموت أن يطول الله عز وجل عمره ويحسن عمله، لأن الخير كان للإنسان في أن لا يخلق، فإذا خلق أن