ذكره، ثم قال:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا}[الصافات: ١١٣] فدل على أنهما ذرية إسماعيل وإسحاق. وليس يختلف الرواة أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - بثلاث عشرة سنة. وأيضا فقد روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أن أعرابيا قال له: يا ابن الذبيحين» يعني إسماعيل وأباه عبد الله، لأن عبد المطلب كان نذر إن بلغ ولده عشرة أن ينحر منهم واحدا، فلما كملوا عشرة أتى بهم البيت وضرب عليهم بالقداح على أن يذبح من قد خرج قدحه، وكتب اسم كل واحد على قدح، فخرج قدح عبد الله، ففداه بعشرة من الإبل، ثم ضرب عليه وعلى الإبل فخرج قدحه، ففداه بعشرة إلى أن تمت مائة، فخرج القدح على الجزور فنحرها وسن الدية مائة. ومن الحجة لهذا القول أن الله عز وجل قال حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات: ١١٢] ، يقول:{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}[هود: ٧١] يقول بابن وابن ابن، فلم يكن ليأمره بذبحه وله من الله عز وجل هذا الوعد. وقال أبو جعفر الطبري: الذي يدل عليه ظاهر التنزيل قول من قال هو إسحاق، لأن الله عز وجل قال:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات: ١٠٧] فذكر أنه فدى الغلام الحليم الذي بشر به إبراهيم حين سأله أن يهب له ولدا صالحا بقوله: {هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات: ١٠٠] ، فإذا كان المفدى بالذبح من ابنيه هو المبشر به وكان الله تعالى قد بين في كتابه أن الذي بشر به هو إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، وكان كل موضع من القرآن يبشره إياه بولد فإنما هو يعني به إسحاق، كان بينا أن يبشر إياه بقوله:{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ}[الصافات: ١٠١] في هذا الموضع نحو سائر أخباره في غيره من آيات القرآن. قال: وأما الذي اعتل به من اعتل في أنه إسماعيل فإن الله عز وجل قد كان وعد إبراهيم بأن يكون له من إسحاق ابن ابن، فلم يكن جائزا أن يأمره بذبحه مع الوعد الذي تقدم،