قال محمد بن رشد: روي عن عمر بن ميمون قال: شهدت عمر يوم طعن وما منعني أن أكون في الصف المقدم إلا هيبته، وكان رجلا مهيبا، فكنت في الصف الذي يليه. فأقبل عمر فعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فناجى عمر قبل أن تستوي الصفوف ثم طعنه ثلاث طعنات، فسمعت عمر وهو يقول: دونكم الكلب فإنه قد قتلني، وماج الناس وأسرعوا إليه، فخرج عليه ثلاثة عشر رجلا فانكفأ عليه رجل من خلفه فاحتضنه، وحمل عمر، فماج الناس بعضهم في بعض حتى قال قائل: الصلاة عباد الله، طلعت الشمس، فقدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى بأقصر سورتين في القرآن {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ}[النصر: ١] ، و {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[الكوثر: ١] ، واحتمل عمر ودخل عليه الناس، فقال لعبد الله بن عباس: أخرج فناد في الناس، أعن ملأ منكم هذا؟ فخرج ابن عباس فقال: أيها الناس، إن أمير المؤمنين يقول: أعن ملأ منكم هذا؟ فقالوا: معاذ الله، والله ما علمنا ولا اطلعنا. وقال: ادع لي الطبيب، فدعي الطبيب فقال: أي الشراب أحب إليك؟ فقال: النبيذ، فسقي نبيذا فخرج من بعض طعناته، فقال الناس: هذا دم هذا صديد، فقال: اسقوني لبنا، فسقي لبنا فخرج من الطعنة، فقال له الطبيب: ما أرى أن تمسي، فما كنت فاعلا فافعل، وذكر تمام الخبر في الشورى وتقديمه لصهيب في الصلاة. وقد روي عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: غدوت مع عمر بن الخطاب إلى السوق وهو متكئ على يدي، فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال: ألا تكلم مولاي يضع عني من خراجي؟ قال: كم خراجك؟ قال دينار، قال ما أرى أن أفعل، إنك لعامل محسن وما هذا بكثير، ثم قال له عمر: ألا تعمل لي رحا؟ قال: بلى، قال فلما ولى قال أبو لؤلؤة: لأعملن لك رحا يتحدث بها ما بين المشرق والمغرب، قال: فوقع في نفسي قوله. قال: فلما كان في النداء لصلاة الصبح وخرج عمر للناس يؤذنهم الصلاة وقد اضطجع له أبو لؤلؤة عدو الله، فضربه بالسكين، وذكر تمام الخبر. ولما أخبر بمن قتله قال: الحمد لله الذي لم يجعل قتلي على يد رجل