قال محمد بن رشد: إنما سأله عن وضع اليد اليمنى على اليسرى هل ترفع إلى الصدر أو توضع دون ذلك، إذ قد قيل في قول الله عز وجل:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر: ٢] المراد بذلك وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في الصلاة تحت النحر، وفي ذلك غير قول. قال بعض أهل التأويل: حضه على المواظبة على الصلاة المكتوبة وعلى الحفظ عليها في أوقاتها بقوله {فَصَلِّ لِرَبِّكَ}[الكوثر: ٢] وبوضع اليمنى على اليسرى عند النحر في الصلاة بقوله {وَانْحَرْ}[الكوثر: ٢] أي واضممها إلى صدرك.
وقال بعضهم: إنما عنى بذلك فصل لربك المكتوبة، وبقوله وانحر نحر البدن بمنى. وقال أنس بن مالك: إنما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينحر يوم العيد قبل أن يصلي العيد فقال الله له {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر: ٢] ، فأمره أن يصلي ثم ينحر. وقال محمد بن كعب القرظي: إنما قيل له ذلك لأن قوما كانوا يصلون وينحرون لغير الله، فقيل له: اجعل صلاتك ونحرك لله إذ كان من يكفر بالله يجعله لغيره. وقال الضحاك: بل المعنى في ذلك فادع ربك واسأله. وقال بعضهم: المعنى في ذلك واستقبل القبلة بنحرك.
وفي وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة خلاف، والذي يتحصل في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها أن ذلك جائز في المكتوبة والنافلة ولا يكره فعله ولا يستحب تركه، وهو قول أشهب في هذه الرواية وقول مالك في رسم الصلاة الأول من سماع أشهب من كتاب الصلاة؛ والثاني أن ذلك مكروه فيستحب تركه في الفريضة والنافلة إلا إذا طال القيام في النافلة فيكون فعل ذلك فيها جائزا غير مكروه ولا مستحب، وهو قول مالك في هذه الرواية وفي المدونة، والثالث أن ذلك مستحب فعله في الفريضة والنافلة مكروه تركه فيهما، وهو قول مالك في رواية مطرف وابن الماجشون عنه في الواضحة.