يقال:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» فإنك لن تجد فقد شيء تركته لله عز وجل.
قال محمد بن رشد: إنما قال ما قال وأبى أن يجيبه إلى ما أراده عليه من الفطر، لأنه رأى ذلك من المشتبهات التي قال فيها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فمن اتقى المشتبهات استبرأ لدينه وعرضه» لاختلاف أهل العلم في جواز الفطر لمن أصبح صائما متطوعا، ولما جاء في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مما يدل على جوازه والمنع منه، من ذلك أنه قال:«إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل وإن كان صائما فليصل أو فليدع؛» وروي «وإن كان صائما فلا يأكل» . وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«لا تصوم امرأة وزوجها شاهد يوما من غير شهر رمضان إلا بإذنه» . وهذا يدل على أن الفطر لا يجوز لها ولا يجوز لزوجها أن يفطرها. وروي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان عند أم هانئ وأتي بشراب فشرب منه ثم أعطاه أم هانئ فشربت ثم قالت لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إني كنت صائمة ولكني كرهت أن أرد سؤرك، فقال لها: أكنت تقضين شيئا؟ فقالت: لا، قال: فلا يضرك إن كان تطوعا» .
فهذا يدل على جواز الفطر لمن أصبح صائما. وقد جاء «أن حفصة وعائشة أهدي لهما طعام فأفطرتا فدخل عليهما رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته بذلك حفصة فقال لها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقضيا يوما