سجدة واحدة، وأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يسجد في المفصل منذ تحول إلى المدينة. وذهب ابن وهب إلى أنها كلها من العزائم، وروي ذلك عن مالك، وهو اختيار ابن حبيب. وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال: عزائم السجود أربعة: الم تنزيل، وحم تنزيل، والنجم، واقرأ باسم ربك. وقال بعض العلماء الذي يوجبه النظر أن يسجد من ذلك فيما جاء على سبيل الخبر ولا يسجد من ذلك فيما جاء على سبيل الأمر، لأن ما جاء منها على سبيل الأمر يحمل على السجود الواجب في الصلاة المفروضة. وعلى هذا يأتي مذهب مالك إذا اعتبرته، لأن جميع ما لم ير فيه السجود جاء على سبيل الأمر، وجميع ما رأى فيه السجود جاء على سبيل الخبر.
فإن قيل: سجدة إذا السماء انشقت جاءت على سبيل الخبر ولا يسجد فيها عنده.
قيل له الوعيد المذكور فيها يقوم مقام الأمر. فإن قيل سجدة حم السجدة على سبيل الأمر ويسجد فيها عنده. قيل له: المعنى فيها الإخبار عن فعل الكفار الذين لا يسجدون لله ويسجدون للشمس والقمر، والنهي عن التشبه بهم في ذلك، لأن الأمر لمجرد السجود لله فيحمل على سجود الصلاة، ويدل على ذلك قوله في آخر الآية:{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ}[فصلت: ٣٨] لأن المعنى في ذلك فإن استكبر الكفار عن السجود لله، فالذين عنده لا يستكبرون عن ذلك. وقد اختار بعض العلماء السجود عند قوله: وهم لا يسئمون ليكون عند ذكر الإخبار على الأصل الذي ذكرناه.