يخرجوا إليهم وأن يتحصنوا بالمدينة، فإن قربوا منها قوتلوا على أفواه الأزقة، ووافق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على هذا الرأي عبد الله بن أبي بن سلول، وأبى أكثر الأنصار إلا الخروج إليهم ليكرم الله من شاء منهم بالشهادة. فلما رأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عزيمتهم دخل بيته فلبس لامته وخرج، فندم قوم ممن كان ألح على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الخروج وقالوا: يا رسول الله إن شئت فارجع، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ما كان لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل» فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى نزل الشعب من أحد، فجعل ظهره إلى أحد ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم، وتهيأ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للقتال وهو في سبعمائة والمشركون في ثلاثة آلاف منهم مائتا فارس. فأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الرماة عبد الله بن جبير ورتبهم خلف الجيش وأمره أن ينضح المشركين لئلا يأتوا من ورائهم. وظاهر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ بين درعين وقاتل الناس قتالا شديدا ببصائر ثابتة، فانهزم المشركون واستمرت الهزيمة عليهم، فلما رأى ذلك الرماة قالوا: قد هزم أعداء الله فما لقعودنا هاهنا معنى، فذكر أميرهم عبد الله بن جبير أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إياهم أن لا يزولوا، فلم يلتفتوا إلى قوله وقاموا ثم كر المشركون فتولى المسلمون وثبت من أكرمه الله بالشهادة، ووصل إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقاتل دونه مصعب بن عمير حتى قتل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وجرح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في وجهه وكسرت رباعيته اليمنى السفلى بحجر، وهشمت البيضة رأسه، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجازاه عن أمته أفضل ما جزى به نبيا من