موسى: أما أنا فأتفوق القرآن تفوقا ماشيا وراكبا وقاعدا، فقال معاذ أما أنا فأنام أول الليل وأقوم أخره وأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي. قال: وسمعت مالكا يقول: بلغني أن معاذ ابن جبل إمام العلماء بربوه.
قال محمد بن رشد: في فعل أبي موسى جواز قراءة القرآن في الأسواق والطرق، وقد اختلف في ذلك قول مالك، فكرهه في هذا الرسم من هذا السماع من كتاب الصلاة، وحكى ابن حبيب عنه من رواية مطرف إجازة ذلك واحتج بقول أبي موسى: فأما أنا فأتفوقه تفوقا ماشيا وراكبا وقاعدا وعلى كل حال. ويدل على جواز هذا أيضا ما وقع في الموطأ عن عمر بن الخطاب أنه كان في قوم وهم يقرؤون القرآن فذهب لحاجته ثم رجع وهو يقرأ القرآن الحديث ". والكراهة في ذلك من ثلاثة أوجه: أحدها تنزيه القرآن وتعظيمه بأن لا يقرأ في الطرق والأسواق لما قد يكون فيها من الأقذار والنجاسات، والثاني أنه إذا قرأه على هذه الحال لم يتدبره حق التدبر، والثالث أن يخشى ما يدخله في ذلك مما يفسد نيته، وهو الذي يدل عليه استدلال مالك لذلك في هذا الرسم من كتاب الصلاة، لقول الله عز وجل:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: ٤] وبالله التوفيق.