للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] .

قال محمد بن رشد: المعنى في قوله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢٢٣] أي موضع حرثكم ومزدرع أولادكم. وقد اختلف في معنى قوله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] فقيل معناه كيف شئتم مقبلة أو مدبرة أو باركة في موضع الولد، لأن الوطء لا يكون إلا في موضع الولد، كما أن الحرث لا يكون إلا في موضع الزرع، وهو الذي يدل عليه سبب نزول الآية على ما جاء في حديث جابر المذكور.

وقيل معناه متى شئتم من ليل أو نهار، روي ذلك عن ابن عباس، وروي عنه أيضا أنه قال: معناه {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] إن شئتم فاعزلوا، وإن شئتم فلا تعزلوا. وقيل معنى أنى شئتم حيث شئتم إن شئتم في القبل وإن شئتم في الدبر. روى نافع عن ابن عمر أنه قرأ يوما {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] فقال أتدري فيما نزلت هذه الآية؟ قال: قلت لا. قال: أنزلت في وطء النساء في أدبارهن. روى أبو زيد عن ابن القاسم عن مالك أنه قال له: يا أبا عبد الله إن الناس يروون عن سالم كذب العلج أو العبد على أبي، فقال مالك: أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر مثل ما قال نافع، فقيل له: إن الحارث ابن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر عن ذلك فقال: أف أف، أيفعل ذلك مؤمن أو قال مسلم؟ فقال مالك: أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب عن ابن عمر مثل ما قال نافع. وسيأتي في أول رسم من سماع عيسى القول فيما روي عن مالك في هذه المسألة، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>