للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: منع في هذه الرواية من أن يسلم على أهل الذمة أو يرد السلام عليهم. فأما منعه أن يسلم عليهم فالوجه أن السلام تحية وإكرام، وقد قال الله تعالى فيه: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: ٦١] ، فيحب ألا يكون الكافر أهلا لها، هذا من طريق المعنى. وقد جاء في ذلك الأثر أيضا، روي عن أبي عبد الرحمن الجهني قال: سمعت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إني راكب غدا إلى يهود فلا تبدؤوهم بالسلام وإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم» . وقد روي أيضا عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثله بمعناه من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة.

وأما منعه في الرواية من الرد عليهم، فالمعنى في ذلك ألا يرد عليهم كما يرد على المسلمين، وأن يقتصر في الرد عليهم بأن يقول وعليكم كما جاء في الحديث، فقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول السام عليكم فقل عليك» كذا قال في الموطأ: عليك بغير واو، وفي غير الموطأ: وعليك - بالواو - والذي ينبغي في هذا أن يقول في الرد عليه بغير واو. وإن تحققت أنه قال في سلامه السام عليك وهو الموت، أو السلام عليك - بكسر السين - وهي الحجارة، وإن شئت قلت: وعليك - بالواو - لأنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا على ما جاء عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، روي «عن عائشة أن اليهود دخلوا على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقالوا السام عليكم فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>