عام ثم بكوا مائة عام ثم قالوا {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}[إبراهيم: ٢١] قال محمد بن رشد: قول زيد بن أسلم لا يكون إلا عن توقيف من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ لا مدخل في ذلك للرأي، وفي التلاوة بإثر ذلك {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ}[إبراهيم: ٢٢] أي لما حق العذاب على الكافرين، {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[إبراهيم: ٢٢] . جاء في التفسير أن إبليس يقوم بهذا الكلام خطيبا بإذن الله وبئس الخطيب، إذا فصل بالقضاء أهل الجنة من أهل النار توبيخا لأهل النار.
وروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية عقبة بن عامر الجهني أنه قال: «إذا بعث الله الأولين والآخرين فقضى بينهم وفرغ من القضاء قال المؤمنون قد قضى بيننا ربنا فمن يشفع لنا إلى ربنا؟ قال: انطلقوا بنا إلى آدم فإنه أبونا وخلقه الله بيده وكلمه، فيأتونه أن يشفع لهم فيقول آدم عليكم بنوح فيأتون نوحا فيدلهم على إبراهيم ثم يأتون إبراهيم فيدلهم على موسى ثم يأتون موسى فيدلهم على عيسى، ثم يأتون عيسى فيقول هل أدلكم على النبي الأمي، فيأتون فيأذن الله لي أن أقوم إليه فيفور ريح مجلسي من أطيب ريح شمها أحد حتى أتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظهر قدمي، ثم يقول الكافرون: هذا وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا ما هو إلا إبليس الذي أضلنا فيأتونه فيقولون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فقم أتت فاشفع لنا فإنك أنت أضللتنا فيقوم فيفور ريح مجلسه أنتن ريح شمها أحد ثم تعظم جهنم، ثم يقول عند ذلك: