للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشرين يوما ينتظر ما ينزل فيهم، وماج الناس في ذلك، وأتى عبد الله بن عمر أخته فوجدها تلطم وجهها، فقال لها مالك؟ فقالت: طلقني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرجع إلى أبيه فأخبره بذلك. فلما مضت تسع وعشرون ليلة نزلت هذه الآيات: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] ، أي من نكاح مارية، {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: ١] الآية. وكذلك روى قتادة أنه قال: حرم جاريته فكانت يمينا. وقال بعضهم: حلف وحرم، وقال إسماعيل فقد يمكن أن يكون حرمها بيمين بالله.

وروي أنه حرمها، فقالت: يا رسول الله، كيف تحرم عليك الحلال؟ فحلف بالله ألا يصيبها. وجاء في التفسير عن عبد الله بن عتبة وابن أبي مليكة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شرب عسلا عند زينب بنت جحش، فأجمعت عائشة وحفصة - رحمهما الله - أن تقولا له إنا نشم عليك ريح المغافير. والمغافير: صمغ متغير الرائحة، ويقال إنها بقلة، واحدها مُغْفور - مضموم الميم - فلما صار إلى كل واحدة منهما قالت له: إني أشم منك ريح المغافير، فحرم النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شرب العسل، وقيل: إنه حلف على ذلك. ولعل القصتين جميعا قد كانتا، إلا أن أمر الجارية أشبه، لقوله سبحانه {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: ١] ولقوله عز وجل: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: ٣] فكان ذلك في الأمة أشبه، لأن الرجل يغشى أمته في سر ولا يشرب العسل في سر، وفي تحريم الأمة مرضاة لهن. وفي الصحيح من الحديث أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يطلق واحدة من نسائه، «وأن عمر بن الخطاب لما قيل له إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلق نساءه دخل على حفصة فإذا هي تبكي، فقال: أطلقكن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقالت: لا أدري، وهو ذا معتزل في هذه المشربة، فاستأذن على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>