فسأل عنه سليمان حين استبطأه فقالوا: إنه يريد الخروج إلى مصر وقد تجهز، فأرسل إليه أن ارجع وادخل علي، وقال للرسول: قل له إذا جاءني لا يعاتبني فإن في المعاتبة فجاءه عمر فقال له سليمان: ما همني أمر قط إلا خطرت فيه على بالي. وقال عن عمه أبي سهيل قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز فوعظته وقلت له حتى رق وقام من مجلسه فتنحى ناحية ما على أرض فلم يعجل عليه مزاحم ثم أخذ وسادة فأدناها منه فأخذها عمر فرمى بها.
قال: وكان عمر بن عبد العزيز يقول: اللهم أرضني بقضائك وأسعدني بقدرك حتى لا أحب تأخير شيء عجلته ولا تعجيل شيء أخرته. قال وقال: قام عمر بن عبد العزيز إلى مصلاه من مجلسه فذكر سهيل بن عبد العزيز وعبد الملك ومزاحما، فقال اللهم إنك قد علمت ما كان من عونهم لي ومعونتهم إياي فأخدتهم فلم يزدني ذلك لك إلا حبا، ولا لي فيما عندك إلا شوقا، ثم رجع إلى مجلسه.
قال محمد بن رشد: هذه الحكاية كلها عن عمر بن عبد العزيز شاهدة له بما هو معلوم مشهور من خيره وفضله رحمة الله عليه ورضوانه، والشبر: العطاء، يقال: شبرت الرجل وأشبرته إذا أعطيته، وشبرت المرأة صداقها أعطيتها إياه. فمعنى الكلام هذا ما صنعت أعطيته الجاه والأثرة والمنزلة والمكانة حتى استطال غلمانه على غلمانك. والتشديد في شبرت بمعنى التكثير، كما تقول ضربت وقتلت. ووقع في بعض الكتب: هذا ما فعلت سبرته، وهو غلط لا معنى له والله أعلم، وقد رأيت لبعض أهل اللغة أن التشبير بمعنى التعظيم يقال شبر فلان إذا عظم، وشبرته إذا عظمته. وهذا أشبه بمعنى الحكاية، لأن القائل قال له لما حمل، أي غضب، لإنداره أعوانه