للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل: {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤] ، وذلك أنه كان يشتري الرواحل بالدين ويسرع السير ليبيعها بالموسم بالربح، فأخطأه ذلك وباع بالخسارة فغلبه الدين وقوله إياكم والدين فإن أوله هم وآخره حرب، يروى حرب، وحرب- بإسكان الراء وفتحها- فالحرب القتال، والحرب الهلاك. فيقول إن الدين يكون آخره إلى منازعة وخصام، ومرافعة إلى الحكام، أو إلى هلاك ماله. وقد استعاذ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الدين فقال: «اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم» ولذلك نهى عنه عمر بن الخطاب فقال: وإياكم والدين. وقد جاءت آثار كثيرة في التشديد في الدين وأن صاحبه يوم القيامة محبوس بدينه دون الجنة، فقيل معنى ذلك فيمن تداين في سرف وقمار، وقيل بل كان ذلك في أول الإسلام قبل أن تفتح الفتوحات وتفرض على الناس الزكوات، فلما أنزل الله عز وجل براة ففرض فيها الزكاة وجعل للغارمين فيها حقا، وأنزل آية الفيء والخمس فجعل فيهما حقا للمساكين وابن السبيل قال حينئذ النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا فعلي» . فمن تداين فيما يحتاج إليه وهو يرى أن ذمته تفيء بما تداين به فليس بمحبوس دون الجنة بدينه إن مات ولم يترك مالا؛ لأن على الإمام أن يؤديه عنه من بيت المال، ومن سهم الغارمين من الزكوات، أو من جميعها إن رأى ذلك على مذهب من رأى أنه إن جعل الزكاة كلها في صنف واحد أجزأ. وقد قيل إنه لا يجوز أن يؤدى دين الميت من الزكاة، فعلى هذا القول إنما يؤدي الإمام دين من مات وعليه دين من

<<  <  ج: ص:  >  >>